الرابطه الايمانيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الرابطه الايمانيه

منتدى اسلامى يهدف الى توحيد المسلمين ونبذ الفرقه والتحزب لنصرة دين الله الحق
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 بين جعفر والنجاشى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد ثابت سعد الدين
Admin



المساهمات : 143
تاريخ التسجيل : 11/03/2011
العمر : 71

بين جعفر والنجاشى Empty
مُساهمةموضوع: بين جعفر والنجاشى   بين جعفر والنجاشى Icon_minitimeالسبت مارس 12, 2011 2:55 am

بين جعفر والنجاشى

لما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنوا، واطمأنوا بأرض الحبشة، وأنهم قد أصابوا بها دارًا واستقرارًا، وحسن جوار من النجاشي، وعبدوا الله لا يؤذيهم أحد، ائتمروا فيما بينهم أن يبعثوا وفدا للنجاشي لإحضار من عنده من المسلمين إلى مكة بعد أن يوقعوا بينهم وبين ملك الحبشة, إلا أن هذا الوفد خدم الإسلام والمسلمين من حيث لا يدري، فقد أسفرت مكيدته عند النجاشي عن حوار هادف دار بين أحد المهاجرين وهو جعفر بن أبي طالب، وبين ملك الحبشة, أسفر هذا الحوار عن إسلام النجاشي، وتأمين المهاجرين المسلمين عنده.

فعن أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خيرَ جار (النجاشي) أمنا على ديننا وعبدنا الله تعالى, لا نؤذى, ولا نسمع شيئًا نكرهه، فلما بلغ ذلك قريشًا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم(الجلد) فجمعوا له أدمًا كثيرًا، ولم يتركوا من بطارقته بطريقًا إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، وعمرو بن العاص بن وائل السهمي، وأمروهما أمرهم، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم، ثم قدموا للنجاشي هداياه، ثم سلوه أن يُسلِمَهم إليكم قبل أن يكلمهم قالت: فخرجا فقدما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار وخير جار، فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، ثم قالا لكل بطريق منهم: إنه صبأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم، لنردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا، ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينًا (أى أبصر بهم)، وأعلم بما عابوا عليهم، فقالوا لهما: نعم ثم إنهما قرَّبا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا: أيها الملك، إنه صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم, ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت, وقد بَعَثَنَا إليك فيهم أشرافُ قومهم من آبائهم وأعمامهم, لتردهم إليهم, فهم أعلى بهم عينًا، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
قالت: ولم يكن شيء أبغضَ إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم، فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك قومَهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم.
قالت: فغضب النجاشي ثم قال: لا هَيْمُ الله (أى لا والله) إذن لا أسلمهم إليهما ولا أُكادُ قومًا جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي، حتى أدعوهم فأسألهم ما يقول هذان في أمرهم؟ فإن كانوا كما يقولون أسلمتهم إليهما, ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما، وأحسنت جوارهم، ما جاوروني (أخرجه أحمد).

ثم أرسل النجاشي إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبيّنا صلى الله عليه وسلم كائنًا في ذلك ما هو كائن، فلما جاءه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم(أى أناجيلهم) حوله، سألهم فقال: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا ديني ولا دين أحد من هذه الأمم؟

قالت: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه فقال له: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده, لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام.
قالت: فعدد عليه أمور الإسلام.. فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به. فعبدنا الله وحده, فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا، وشقَّوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا, خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك(مسند الإمام أحمد).
قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله شيء؟ قالت: فقال له جعفر: نعم، فقال له النجاشي، فاقرأه عليَّ؟
فقرأ عليه صدرًا من ( كهيعص ) قالت: فبكى والله النجاشي، حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم..
ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فوالله لا أُسلِمُهم إليكم أبدًا ولا أكاد.

قالت أم سلمة: فلما خرجا (عمرو بن العاص, وعبد الله بن أبي ربيعة) من عنده قال عمرو بن العاص: والله لأنبئنه غدًا عيبهم عنده، ثم أستأصل به خضراءهم قالت: فقال له عبد الله بن أبي ربيعة، وكان أتقى الرجلين فينا، لا تفعل، فإن لهم أرحامًا وإن كانوا قد خالفونا.
قال: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد، قالت: ثم غدا عليه الغد فقال له: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيمًا فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه، قالت: فأرسل إليهم يسألهم عنه، قالت: ولم ينزل بنا مثلها، فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله فيه، ما قال الله، وما جاء به نبينا كائنًا في ذلك ما هو كائن، فلما دخلوا عليه، قال لهم: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟
فقال له جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا: هو عبد الله ورسوله وروحه, وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء، البتول.
قالت: فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودًا، ثم قال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود فتناخرت(أى زمزمت فى غضب) بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال: وإن نخرتم والله، اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي (والسيوم الآمنون) من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، فما أحب أن لي دَبرًا ذهبًا، وإني آذيت رجلا منكم، والدبر بلسان الحبشة الجبل، ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد عليَّ ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناسَ في فأطيعهم فيه، قالت: فخرجا من عنده مقبوحين مردودًا عليهما، ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار.

دروس وفوائد:
1- حسن إختيار السفراء والمتحدثين الذين يستطيعون عرض القضايا بذكاء وفطنة ويتضح هذا من موقف عمرو بن العاص مبعوثا من قريش ومن موقف جعفر رضى الله عنه ممثلا للمسلمين.


2- وجوب تدارس الموقف والتشاور والإتفاق على إختيار الأفضل للتعبير عن المجموع كما كان موقف المسلمون وإختيارهم لجعفر.

3- تميز جعفر رضى الله عنه بالبلاغة والفصاحة، والعلم، حسن الخلق، الصبر، الشجاعة، الحكمة، سعة الحيلة، المظهر الجذاب فكان رده على أسئلة النجاشي في غاية الذكاء, وقمة المهارة السياسية، والإعلامية والدعوية، والعقدية كما يلى:

- عدَّد عيوب الجاهلية، وعرضها بصورة تنفر السامع، وركز على الصفات الذميمة التي لا تنتزع إلا بنبوة.
- عرض شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المجتمع الآسن المليء بالرذائل، وكيف كان بعيدًا عن النقائص كلها، ومعروفًا بنسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فهو المؤهل للرسالة.
- أبرز جعفر محاسن الإسلام وأخلاقه التي تتفق مع أخلاقيات دعوات الأنبياء، كنبذ عبادة الأوثان، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة.
- فضح ما فعلته قريش بهم؛ لأنهم رفضوا عبادة الأوثان، وآمنوا بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وتخلقوا بخلقه.
- أحسن الثناء على النجاشي بما هو أهله، بأنه لا يُظلم عنده أحد، وأنه يقيم العدل في قومه.
- وعندما طلب الملك النجاشي شيئًا مما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم جاء صدر سورة مريم في غاية الإحكام والروعة والتأثير، حتى بكى النجاشي، وأساقفته، وبللوا لحاهم ومصاحفهم من الدموع، واختيار جعفر لسورة مريم، يظهر بوضوح حكمة وذكاء مندوب المهاجرين، فسورة مريم تتحدث عن مريم وعيسى عليهما السلام.
- إن عبقرية جعفر رضى الله عنه في حسن اختيار الموضوع، والزمن المناسب، والقلب المتفتح، والشحنة العاطفية، أدت إلى أن يربح الملك إلى جانبه.
- كان رده في قضية عيسى عليه السلام دليلاً على الحكمة والذكاء النادر، فرد بأنهم لا يألهون عيسى ابن مريم، ولكنهم كذلك لا يخوضون في عرض مريم عليها السلام، كما يخوض الكاذبون, بل عيسى ابن مريم كلمته وروحه ألقاها إلى مريم البتول العذراء الطاهرة، وليس عند النجاشي زيادة عما قال جعفر، ولا مقدار هذا العود.
- هم لا يسجدون للنجاشي، فهم معاذ الله أن يعدلوه بالله، ولا ينبغي السجود إلا لله، لكنهم لا يستخفون بالملك، بل يوقرونه ويسلمون عليه كما يسلمون على نبيهم، ويحيونه بما يحيي أهل الجنة أنفسهم به في الجنة.

4- كان موقف جعفر وإخوانه مثالاً تطبيقيًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من التمس رضا الله بسخط الناس, كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس» فهؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم- قد التمسوا رضا الله عز وجل، مع أن الظاهر في الأمر أنه يترتب عليه في هذه القضية سخط أولئك النصارى وهم الذين لهم الهيمنة عليهم، فكانت النتيجة أن الله عز وجل سخر لهم ملك الحبشة حتى نطق بالحق الموافق لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ellrapta.yoo7.com
 
بين جعفر والنجاشى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الرابطه الايمانيه :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: المنقولات-
انتقل الى: